عندما يكون الإستعباد منهاجا وتكون الحرية فوضى ,عندما يكون الحق أحلاما ويكون الظلم هو الواقع المرير, عندما يصفق المقتول لقاتله وينهر ذوى المقتول اخوتهم عن الأخذ بالثأر ,عندما يخطب فينا الديكتاتور قائلا اذا مات الديكتاتور فكلكم ديكتاتور, عندما تصبح الدولة ذات إتجاه واحد وما من صوت واحد يعارض إلا وكان مصيره خلف الأسوار الموحشة ,عندما ترى الطفل يبكى ابيه والتلميذ يواسيه وتجد المكلف بحمايته يصرخ فيه ويقتاده ليحقق معه , عندها فقط يجب أن تعلم اننا نسير بسرعة جنونية إلى الهاوية والهلاك المحتوم .
فى اعتى ديكتاتوريات العالم كان مسموحا بعدة أصوات تعارض وإن كانت أصوات كرتونية ولكنها موجودة حتى تكتمل الصورة نعم أعرف أن لها خطوطا حمراء لا تستطيع أن تتخطاها أو حتى تفكر فى الإقتراب منها ولكنها فى النهاية موجودة.
لا أتصور احد يقود قاطرة إلى المستقبل بدون مكابح المعارضة بحجة أنها ستعطل ركب التقدم , هو مشهد مسرحى لا يسمح فيه لأحد بالخروج عن النص ولا يسمح ان يكون هناك دور بطولة سوى لبطل واحد وعدة نسخ كربونية تهتف بإسم البطل , الكل يحفظ دوره جيدا ويلعبه بإتقان ولا يسمح لأحد بالخروج عن النص أو أن تلاعبه الظنون فى أن تصفق له الجماهير فى عزف منفرد .
هكذا وصل بنا الحال وهكذا تلاعب بنا المستبد تلو الاخر وانتقلنا من حكم ديكتاتورى لفاشية دينية وجارى نقل السلطة للفاشية العسكرية , لا استطيع أن ألقى اللوم على الجالس هنالك فوق كرسيه العاجي فهو لم يجد سوى خاضعين محنيو الرؤوس هاتفين بإسمه مسبحين بحمده .
يقول الحق تبارك وتعالى فى محكم التنزيل :
}فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ * فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ * فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِلْآخِرِينَ{
وما كان استخفاف فرعون بقومه إلا أن قال لهم }فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى. فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأُولَى. إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّمَن يَخْشَى.{ولكن الله عزوجل يأبى أن يستعبد أحد الملوك أو الطغاة عباده ويغضب إذا أطاعه الناس لذلك تجد قوله فى الاية الكريمة }* فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ *{ لم يفرق الله هنا بين المستبد والمستعبد فكلاهما شقين لأمر واحد وكلاهما يمثلا جناحين لطائر الظلم والفساد وكلاهما يؤدى إلى هلاك الأخر فالمستبد ان لم يجد من يردعه هلك وأهلك من يطيعوه ,والمستعبد إن لم يجد من يأخذ على يده ويرفع قامته من الإنحناء لغير الله هلك وأهلك من يسيرون خلفه .
إن الطغاه هالكين وهذه هى سنة الله فى أرضه ولكن السؤال هنا أيهلكون بيد شعوبهم أم يسلطهم الله على شعوبهم حتى يهلك الله الشعوب ويهلك معهم المستبد وتنقضى سنة الله فى أرضه ويطويهم التاريخ كما طوى حضارات هلكت وانتهت ؟؟!!.
لا يمكن أن أستثنى من تحدث بإسم الدين والدين منه براء ولا يمكن ان تحكم محكمة ببراءة أحد الذين أهملو فى أعمالهم فأدى إهمالهم إلى مقتل الأبرياء , فالمستبد يقتل بإستبداده والجاهل يقتل بجهله والطاغية يقتل بطغيانه وكلهم فى النهاية متساوون فى نتيجة جرائمهم .
وفى النهاية أقول خطأ الطبيب تداويه القبور وخطأ القاضى تداويه السجون أما خطأ السياسي فلا ينسى على مر العصور .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق